Monday

إلانور ريغبي


نشرت في صفحة شباب السفير

تسطعُ عدسات الكاميرات وسط جلبة من الهمهمة و التدافع لالتقاط أفضل اللقطات، يبدو الرجلان سعيدان حقا بالاتفاق الذي توصلا اليه. الحضورُ أيضاً يبتسم و الإعلاميون و منسقوا العرض و الصالة، حتى الوجوه المسمرة في غرف الجلوس حول قهوة ما بعد الغداء، و المارة في شارع تجاري أمام محل الكترونيات ، حيث يستوقفنا "جهاد" شابٌ نحيل يرتدي معطفاً رمادياً يصل الى ركبتيه و يضع نظارات سميكة، فيما لا تبدو على وجهه أية تعابير ازاء الحدث السياسي الذي تبثه العشرات من الشاشات المتفاوتة الأحجام أمامه.
لقد حلم طوال الأسبوع بأنه متلاش في فراغ الفضاء، تبدو له الشمس بعيدة كأنه قد وضع الكوكب كله وراءه و رحل. كان يستمر طائفا في الصمت، حتى تتراءى له كرة ذهبية بحجم قبضة اليد تسبح أمامه. لم يحاول أن يعطي الحلم معنى، و لكنه بات يرى نفسه كل يوم يقترب منها أكثر.
"هل يعقل أننا عالقان في مدار واحد ؟" قال حين استيقظ هذا الصباح، و سد أذنيه بأصابعه محاولا استرجاع المشهد. لقد كان هناك هالة موسيقية بعيدة تسبح حولها هذه الليلة.

Old old books

يقول الشاعر الجاثي على رمل قدميك
أن البكاء في هذا الليل
يسري على أوردة الشوق
نحوك .. و أنت الصبا
و أنت الصبوة العالقة في ظلم التمتمة
في هذيان الأدعية لرب أطرش ..
و عسكرة الحزن على شفتيك
تنوء بعسرة مخاض الحلم الجميل



يقول الشاعر .. أنا المطر شردني يوما
و انا المطر أعاد صباغتي على الجدران الرمادية
يقول الشتاء يسوقني إلى غبار فندق للمتشردين
رطب من تعب البغايا
و من تعرق قمصان أولائك المتزلجين على زجاجة العالم



يقول الشاعر .. أنا متشبث بالهواء
هارب من طفلك الحلم و من أنباء الإجهاض
هارب من ماء رحمك
هارب من موتك ..



كنت ستحلمين ..
و كنت ستخلقين من عثرة الشتاء على قدميك
عشب خضر .. و إمتداد لسهل من الربيع
من الأشجار و العصافير
انا كنت اخاف من البقاء قربك
محاط بحقول خصوبتك و السنابل
أنا كنت أخاف من اللحظة التي أعبق بالقمح
و هوسي بإحتضانك
أنا كنت اخاف الوقوف هناك
لحظة إحتضارك ..



يقول القاص ..
أن الماء حين يمرض بالقسوة
يقل إنسيابه و يقتل صاحبه
و أنا متى يصاب مائي بالقسوة ؟
رحلت قبل زهر الدمع
و تركت في عينيه الحبق و عقود الياسمين
فمتى تتفتح ؟ و ينتهى صبر العينين على العمى ..


نفس الشاعر كان على العتبة
يبحث في مشهد وطنه
عن منديلها المطرز
و يقول للمنفى هات الناضور
و تفرج ..
أترى ما تركت خلفي ..
أترى ..

2007

Saturday

الشمس تتشابه اليوم
القمر يختلف نوره قليلا
و الغيم يعبر الزرقة 
بحثا عن قصة يرويها

المرتاب 
يغرق في قبعته

الحالم 
يموت اختناقا في شرنقته

البيزنس مان
يتأكد أمام المرآةمن أنه رجل الغاب

الشمس تتشابه كثيرا
القمر ابتلعه الغيم
و الرجل خلع قبعته للسماء
و اختفى في انحناء الأفق 

Wednesday


نشرت في صفحة "شباب السفير".


في البداية  كانت نهاية الكثير من التساؤلات الأولية و الأسئلة المعلقة عبر أزمنة خلت.

و في البداية, كنا على الطريق بعد أن قطعنا البلد من شرقه إلى غربه. ربيع يقود السيارة بسرعة هائلة و يحدثني عن مشهد طبيعي سيتضح لنا بعد قليل. كان الهواء يسرق معظم الكلام و لكنني شعرت من حماسته بأن المكان ربما مألوف لديه أو مرتبط بذكرى ما، فلبثت أحدق من النافذة بانتظار انحسار الجبل بينما  أشعر بأنني فرودو باغينز و قد عدت إلى " الشايّر " بعد رحلة موردور الشاقة.

 - "هناك , هناك ! " صرخ ربيع متأوها كأنه يردد موال فلكوري, و قد استبدت الحماسة به فوثب في مقعده مشيرا إلى نقطة مجهولة , كنت قد تعودت على قيادته المجنونة, و خفت أن يفقد السيطرة على العربة العجوز . حين أدرت  وجهي  المذهول من ردة فعله و انعدام التوازن في السيارة, ترآى لي في "لحظة شاسعة" مشهد لوني يفيض بمكوناته. البحر الأبيض العظيم , بحيرتنا المقدسة, و سهول خضراء من البساتين تخرج من أطرافه و تتسلق الهضاب المنتشرة على اليابسة.  

 ربيع  الذي أثاره المشهد كثيرا, أرجع ظهره إلى الخلف, و أدار زر الصوت إلى حده الأعلى, فانطلق بوق فاتس نافارو عبر موجات خرافية من العزف الهستيري.

- "هذه الموسيقى تشبه هذا المكان حتما" صرخ و هو يتجه بالسيارة نحو جانب الطريق و قد كبح فراملها فتوقفت بعد أن أثارت غبارا كثيفا من خلفها. تبقى لدينا  بعض الشراب في زجاجة حملناها من الليلة الفائتة, فترجلنا و وقفنا بصمت قرب حافة المنحدر ننتظر سقوط الشمس و انتهاء اللون.

Monday

الشغف المتبقي من نهار بشري
لا يملأ قاع الكأس


في بيروت مؤخرا
الحياة في الليل حالة ثمل مخيبة


تقطر الدماء من أصابع عازف الجيتار
في جولة منتصف الليل
و يتوج خيبة الحضور


بعد منتصف الليل
يبدأ نهار رأسمالي آخر

Saturday

آيس كريم ( I )

نشرت في صفحة شباب السفير
مايلز آيس

وضع سماعات الآيبود في أذنيه وحدق في الشاشة الصغيرة. كان يرى إنعكاس وجهه بينما تومض الحروف السوداء الثخينة داخل المستطيل الأبيض و تتداخل مع عينيه. 

لقد قام بالأمر نفسه كل يوم على مدى الأشهر الستة الفائتة.
يضع  ملفاته في الحقيبة التي يعلقها على كتفيه بعد أن يتأكد من وجود كل ما يحتاجه في جيبتها الأمامية, و يتوجه إلى خارج المستوصف، حيث يقف لبرهة مراقبا الظل المختبئ تحت قامته من شمس الصيف اللاذعة.
يخطو خطوتين و يلقي نظرة متفحصة على الشارع حوله.

 المشهد مستقر كدائرة بئر سحيق, صالون منال للبنات مقفل و البوابة الحمراء التي تؤدي إلى منزلها نصف مغلقة بحيث تظهر ألوان العريشة الخضراء من خلفها في المدخل. البنت الصغيرة التي لا تغادر منزلها تقف على الشرفة في البيت المجاور, و تحدق في كل شيء تقريبا. تبدو مكتملة برغبة العبور لدرجة أنها باتت كل المكان في عينيها الكبيرتين, لذلك لا يلفت انتباهها وقوفه المريب في الطريق أو مرور  سيارة فجأة و لا حتى أصوات العسكريين على الحاجز في نهاية الشارع. كلهم جزء من عالمها الصامت, في هذه البقعة هي تملكهم, أقرب إليهم من ذاتهم و كل ما يعبر هذه المساحة من أحداث هي تعلمه مسبقا. 

ينظر إلى ساعته, يغمض عينيه و يبدأ بالعد.. واحد .. إثنين .. ثلاثة - ينقر على خانة الجاز- أربعة .. خمسة - قليل ما استمع للجاز أثناء تنقله في المخيم, كان المكان يتطابق تماما مع خلفية من البلوز و الروك - ستة .. سبعة .. ثمانية - في أي يوم آخر كنت لأختار فاتس نافارو  أو جون كولتراين , و لكنني اليوم أشعر بالسحر يتدفق من الأبواب الخفية - تسعة - in a silent way  مايلز دايفيس , هذه مادة سحرية مناسبة - عشرة .. Play  !

Friday

تَخَبُّط

أرغب بالكتابة عن أي شيء, أريد فقط أن أكتب حتى تجف الكلمات في عروقي. هذه الحاجة الملحة بل هذا الشعور التراكمي هو أسمى مظاهر الكبت العاطفي الذي أعاني منه. قد أرغب بالكتابة عن العام فلا أجيد الوصول إلى حبل البداية , و قد أجنح نحو الخاص فأجد في طعم الكلام مرورة العنب الشاب على القلب كما هو على اللسان. و لعل المساحة الوهمية بين العام و الخاص تكون مدخلي إلى نفسي و الأنفاس المتفرقة و المتداخلة حولي.

تقول أمي أن جدتي حين ودعتها و كانت هي عروس إبنة ثمانية عشر عاما, حضنتها و قالت : " هذا إبني , فلتحملينه بين رموش عينيك, و لكن لا تدعيه يسيطر عليك كما فعل أبوه معي". أشعر بعينيها ترتجفان كأرض عتيقة تنوء بحملها, أرى دمعة واحدة تخرج كحجر كبير ما هو إلا فتات من الصخرة القابعة على صدرها. تستطرد والدتي : " أذكر حين توفي جدك كيف جلست أدل حماتي العجوز على أنواع النقود , الحمرا هي الخمسين ليرة و الموف هي العشر الليرات , و هذه ليرة بينما تلك هي القروش." .

البارحة دخلت إلى دكانة أبوحسن الحرامي, هكذا نطلق عليه في الحي ,وهكذا أطلق عليه من سبقونا , لأن الرجل يزيد أسعاره ليلا, و تكثر الحكايات حوله , فتجد بعض الشباب يقولون أنهم حين بقوا في الحرب الأخيرة لأداء

Thursday

Mr.Tambourine Man



في نزهتي الغريبة

يتسارع القلب
كنغم يفلت من بين أنامل
عازف التمبورين السحرية


تجده حاضرا فيك للحظة
ثم غائبا في ارتداد صداه

حيث أنا

تتوحد الكائنات الخيالية

في فضائي المنسجم مع ذاتي

و تصبح لروحي


مساحة أرحب

Sunday

في السماء بيوت من رخام أبيض
يحبو فيها أطفال صغار

و يلعبون مع النمل

العائم في الزرقة


أشعر أن في السماء وجوه كثيرة

و أن الهواء يضيع منذ أصيل

أزمنة تجمدت على ثناياها في



من انت ؟ و من انا ؟


البرد طفل أحمق

يرقص على الوجوه الزرقاء
و يذكرني بموت المدن
و إستقراره فينا

Friday

Antonio Ruiz - Malinche


في رحابة الضوء متسع لأحلامي

و أنا يدي قصيرة جدا

لأحملها من الضفة للضفة .

في هذا المساء اللزج بالذات

أفقد الكثير من الأحلام الصغيرة

و تنتاب رجولتي بعض الأمومة .

Monday

المدينة - تَهكُّم

نشرت في صفحة "شباب السفير"ي

أما أنا فمدينتي أنهكتها الحياة, و كثيرا ما تلاقينا على فكرة أن الآوان قد حان لتسونامي يجرف عنها الحياة المتقلبة و الغالية الثمن في جوانبها. لطالما عاشت المدن و ماتت, ثم عادت او عادت قربها أو في مكان آخر.
و هي المدينة من اول حجر إلى آخر قلب نابض فيها, أخبرتني حين أسررت لها عن شغفي بأبنيتها العتيقة, أنني أقرب ما أكون إلى السذاجة لأن تلك الأبنية كالندوب التي لا يختفي أثرها, و خلف كل حائط تتبجج بتواصلك العاطفي معه حيوات إكتملت, بؤس كثير, زخات رصاص, أصوات موت, و الكثير الكثير من الحظ العاثر

First Rain

إذا هي المدينة نفسها ..
ماؤها الاول يترك رائحة غريبة
مزيج من زفت الشوارع و باطون الأبنية الكثيرة
الشتاء يحب الأرض
والأرض تصغرمساحتها في بيروت حتى تختفي تماما

مطر مطر مطر ..
غذا تفيض في الشوارع الفقيرة
و تمتلأ بهاالحفر الموزعة على الطرقات
غدا يرحل المقاولون في إجازتهم الشتوية
و يتأجج موسم الأدرينالين لدى سائقي السيارات

مطر مطر مطر
أجمل عشوائياته المدنية
تتجلى في العلاقة الخاصة التي تجمعه بالزينكو
Ouverture d'hiver
تك تك تك تك
ترقص الاجساد الصغيرة و تتلوى على وقع أول المطر

الشتاء فاضح جدا في بيروت
فاضح جدا لبيروت
painting By Nidal Khairi


يحتاج الشعر إلى الكثير من الطبيعة
وأنا أبحث عن كلمات لقصائدي
بين بيوت الزنك وسيارات اللف العتيقة
وأخجل من نفسي حين أجد نفسي ذاهلا
أمام التجاعيد على الوجوه العجوزة
التي تستجدي رحمة البشر
لتصرفها مقابل علكة و دعاء غير مفهموم


من المؤسف أن الغضب والألم الذين يغمرانني
حين أكون جزء من المشهد
لا يخرجان ضمن كلمات منمقة تحاكي الواقع
كما تخرج الشتيمة واللعنة
التي تصبح أسمى قصائدي المتكررة
في وطني الذي يعج بالحزن و الفقراء
الصبح يتثاقل رويدا ..
رويدا ..
على أعناق الورود ..
و الظل تعلمين !!
مساحة الشهوة الأولى ..

مليئة هي الورود بأسرارك ..
تغرق وجنات الزنبق
بعرس الندى
و وجنتيك أنت تلتهبان عرقا ..

أحمر .. أسمر

أسمر.. أحمر

و أنا بقى لي من الليل ..
كمشة !!
أين أنثرها حبيبي ؟

Friday

Pink Floyd

الريح الآن آخر نفس
من جسد جديد و روح عتيقة
الخمر بداية الدمع
و آخر الثمل تجرد اليتم
في الفؤاد الضعيف



إنهزمت أمام مفرداتي كثيرا
حتى إكتشفت متأخرا
أنني مهزوم الإحساس

***

كيف أخبركم قصص سعيدة ؟
أيها المارون بهدوء
تحت شمس الظهيرة
لا مبالون ..
لا ينقصكم سوى الشكل الهندسي
حتى أسندكم في أي زاوية
كشيئ جديد
و قد اوضبكم و أهديكم
أو أصنع منكم لعبة لولد مشاكس
إكتشف الكره مبكرا
فيحطمكم و يحرقكم
و يرقص حولكم كالهنود

Thursday

الهـوس الـلاسامـي فـي مـواجهـة »بـارك رويـال

By Nidal Khairi
نشرت في صفحة الشباب " السفير"
ما أجمل الشعور "فلسطين" , قالت ياسمين القادمة من " رام الله " لكي تدرس في الكونسرفتوار البلجيكي , لا أعلم ماذا كان يدور في رأسها , هل هي العصافير في البارك رويال التي أوحت لها بصور الوطن البعيد, أم أنها الفتاة الأروبية التي تقف مرتدية الكوفية الفلسطينية ,و تحاول إقناع المتنزهين بالتوقف و الإستماع لقصص حملتها معها من غزة ,حيث أقامت رفضا للتعصب و الكره و تحديا للإمبريالية الأميركية و الإسرائيلية . في السابق كنا ننظر إلى هؤلاء الأوروبيين الشقر ببعض الإستخفاف حين يتحدثون عن فلسطين, ربما لأننا بتنا لا نحتمل أن يزايد علينا أحد بالألم , هذا " ألمنا المقدس " . و لكنك حين تستمع إليهم و تدقق في كل ما يجري على الساحة الأروبية من مضايقات لهم كأفراد أو حتى كجمعيات أهلية , لا يمكنك إلا أن تقدر جهودهم , ففي الحد الأدنى هم يمثلون الضمير الجماعي الأوروبي, أو ما نطلق عليه إسم الرأي العام العالمي الذي لطالما إنتظرنا أن يتحرك يوما شعوره الإنساني ليرفع و لو جزء من الظلم الصهيوني .

على هامش الشوق


أتعلمين أنني أستطيع
أن أخبأ عالم بأكمله في عينيك

و أكتفي بشفتيك
عالم لي


سيدة القلب

كيف باغتني سحرك الأبيض هذا

و ازهر على تشقق قلبي

ورودا صغيرة

كيف نبت على تآكل غضبي
زرع طري


كيف تولدين ؟

كيف تخرج من شهد شفتيك

الكلمات التي أحب

كيف الرَيم يتسلل من وجنتيك

إلى خدي و شفتي

و يعلن مملكة الحب

بين نفس و تنهيدتين

على هامش ليلة سيئة

Leonora Carrington - Laberinto


أحاول جاهدا أن أتجرد

من دقات قلبي

أبحث عن شريان ضخم

أدفنه تحت وسادتي

أسده بعقب سيجارة

و أقتله


أنا سادي جدا عند الصباح

غاضب جدا من كومة الكوابيس

لم أستيقظ بعد !


الدم على السرير و على الأرض

و أمام النافذة و قرب باب الشرفة

و على صدري العاري

و أنا أبحث عن علبة الدخان

كفتاة أغتصبت و هي نائمة

و إكتشفت مر النزيف

فأرادت أن تدخن أول سجائرها

كإمرأة ..


لا موسيقى في الكلام الآن

و لا الموسيقى تستوطن الكلام الآن

عندي رغبة أنانية .. حانقة .. واحدة

أن أنظر من شرفتي إلى الصباح

و أخيف العالم




أظن أن بحثنا اليومي عن الجنة
لأحلامنا

لصغار أفكارنا

و بتلات الورود النامية

ينبع على أذرعنا المنتصبة نحو الكون

الملتوية في شعب للريح
تشقها طرقا مفترسة

للأطفال

ألف ألف قصة
و ألف ألف طريق

لألف ألف صغير ضائع
ألف ألف جميل ..


لا تقولي
نهرب في البحر
إلى عليائها المخملي

نأخذ أغنياتنا في الصناديق

و نكدس حول السرج أشعارنا

ماذا يحدث إن طالعهم

حظ القابعين في باب الشمس

ماذا يحدث حين تلفظ الأغاني و القصائد
آخر أنفاسها

حين تندي رطوبة الموت
وجوهنا الهاربة من السرمد الحي

في أعيننا المخدرة
ماذا يتبقى من بلور قلوبنا ؟


أتظنين أن عالم مكتظ
بفقراءه و جائعيه
كان سيعيش و يتنفس

لولا قلوبهم البلورية

لولا أن أكبر أكبرهم

ما زال ..

جميلا .. مكافحا .. صغيرا


تعالي إلي
كتنهيدة الفجر

و حشرجة الصبح

المولود من نزق ليلي

تشتد عباءته على النجوم

و هالات الطيب

إكتظاظا و ظلاما

تعالي إلي
دون فرس دون حمل ثقيل
إمتطي القمر أنوثة

و لا توقظي جموع النائمين


أنا حل من الصلاة
سوى لجسدك المعفر بالزهر

أنا حل من المطر

إلا على شفتيك المتشققتين


أنا حل من نفسي
أنشد إنتحار الطرق

نحو ريض النور
و لحد الضوء


دعي يدك في يدي
في آخر هذا الطريق

مهد لما نحمل من الورود

كوني قربي حينها


كي ينشد لها الشذا
صوت .. كصوت أمي

و تنام
Alfredo Castaneda - En El Lugar de los abrazos

تفردي .. تفردي
أيتها الروح المضطربة
بوحدة شفتيك الخشبية
تفردي أيتها الروح
على هدب حزينة
و مساحات إزرقت الأشياء فيها
كشيء من المرض
كشيء من الفقر
كشيء من سحر عالمنا العاشر هذا


كيف تخبر قوم تكاثفت الظلال على أنوفهم الطويلة
بأنك مطلق الشفافية
تحبهم .. كضوء القمر
تمسح عن تعبهم الحي .. من ذاتك
الغبار الذي تجمع على الموتى و الخبز
و ربيع الكتب

جل النبض أمام قلوبكم الفقيرة بالغضب
لا ترموا من يعبر كالنسيم
على لوعة إحساسكم
بحجر

Monday

الحب عن بعد


أسأل عن سرب من الياسمين
حط على شرفتي
وفي أعناقه مفاتيح الوجد
لبيوت السحر فينا
وأكبال شمس الظهيرة

رف من الفل والعوسج
هارب من الضوء القاتل
في مدينة يحكمها الأقزام
بإسم جمع من الآلهة الصغيرة

خارج أسوار عينيك
قوم جردهم الهيام فيكِ
من بياض لقياكِ
وإتشحت قلوبهم بشلحة ليل
هارب من نجمة الصبح الحزينة

إحترفوا الكلام عنك
يا سيدة الأحلام و مليكتها
هل من يريد أن نوقف فن الكلام فيها ؟
و هي الجميلة .. جميلة في مرآة أحلامنا
كيف نداري الشوق للقاء روابيها
جمع من ورق يرتعد
إشتاق الدفا لخدودهم الرقيقة

*******
جالسنا البحر على الضفة
ونبي منا ما إن بدأ البكاء
رحلة الوجوه المعفرة
حتى وضع رأسه تحت الماء

رب دمعة تصل الضفة بالضفة
رب دمعة يبخرها الكوكب السجين
بلا شروق .. بلا إرتحال

في مرحلية الغيمِ
دربُ عودتهم القسرية
فمن أين ؟ ؟؟
من أين يبدأ طريقك أيها السحاب
فو الله .. والله .. والله دموعنا عزيزة ..

*******

كفرت بمنطق الفصول وتراتبيتها
والشعراء في بلادي
كلهم أبناء الله
ومريم المدينة

ختَمت رسالتها بلون الثلج
وأسرَّت
الشعر يتناسل في الظل
ويغني لبنات رحمها اللقيطة
فتات الخبز رغيف العشاء
والقصائد المرة ترطب جروح
فخديها القتيلة
و تسآلت ..
متى ينتحر أوديب اللعين هذا ..
وقد صار له في بلدي قبيلة

*******

تخبرني عن طفل حلمها الصغير
لوحة جدارية ببعدين
أقربها شفتاه البارزتان
واللون تقرُح الجوع على حواشيها ..

وأبعدها عيناه الطريتان
وقطيع من الكلاب المسعورة
يركض نحوه .. فيها

*******

أجلس على حافة السرير
وظهري العار محدب من ألم الكوابيس
يفصل بيني وبينك
حائط نبت في القطن
ونما مليئاً بالثقوب والمسامير الصدئة

أنظر إليك سرا ..
من خلال الجور وأبتسم ..

أهرب إلى الحلم الجميل
من خلال ثقب دائري
قطره بعض سنتمترات
تكفيني لأُسمِعَ حشجرة حبالي الصوتية
صلاةً وغناءً وكركرةَ العود الناصرية

*******

مدينتي في الأعماق
والهوى في الأعماق
والخوف عليك أعماني
وحب لي فيك أدماني ..

منعو عنا هواء الطريق ..
في البحر وفي السماء ..

حتى جالسنا البحر على الضفة
ونبي منا ما إن بدأ البكاء
رحلة الوجوه المعفرة
حتى وضع رأسه تحت الماء

رب دمعة تصل الضفة بالضفة
رب دمعة يبخرها الكوكب السجين
بلا شروق .. بلا إرتحال


في مرحلية الغيمِ
دربُ عودتهم القسرية
فمن أين ؟؟؟
من أين يبدأ طريقك أيها السحاب
فو الله .. والله .. والله دموعنا عزيزة
*********
بلجيكا نيسان 2008

Wednesday

كعــك بلجيكــي



كعك بلجيكي
والون وفلامون: أزمة الحكم والهوية إياها.. لكن بلا «من يحزنون»


أستطيع أن أخبركم أن الوضع السياسي في بلجيكا متأزم، وقد أنتج حكومة مرحلية أنصفت الخاسرين بالانتخابات النيابية أكثر مما أنصفت بعض الفائزين. وتم ذلك بعدما بقيت البلاد بلا حكومة لمدة تسعة أشهر تقريباً، لم يرتفع خلالها سعر رغيف «الباغيت»، ولا سعر اللحوم، ولم ينفجر معدل البطالة، ولا زادت هجرة الموارد البشرية، ولا حتى هجرة رؤوس الأموال.
واللافت في الخلاف الحاصل هو أنه ليس من طبيعة سياسية، وإنما يطرح أسئلة مفصلية أيديولوجياً في الانتماء والمواطنية، واقتصادياً على مستوى توزيع الثروات بالتساوي في ظل نظام اقتصادي موحد تحت سماء أقدم فيدرالية في أوروبا.
هناك إذاً أزمة هوية بين «الوالون» و«الفلامون» (الفلامنك)، ولقد أتت تسميتهم نسبةً للغة كل منهم: الوالونية هي لغة لاتينية اقترنت بالفرنسية في القرن السادس عشر بعدما كانت الفرنسية الحالية لغة الصالونات البرجوازية، والفلامانية هي لهجة محكية هولندية بالتعريف، وهي لغة سكان المقاطعات الفلمنكية في بلجيكا بشكل خاص.

على سيرة أزمة الهوية، تتكرر في المجالس اللبنانية هنا، للتندر طبعاً، فكرة أن يكون الفيروس قد انتقل من بيروت إلى بروكسيل، وقد يكون سيرج براميرتس هو من قام بنقله، أو ربما بعض الجنود البلجيكيين العاملين في الوحدات الدولية في جنوب لبنان.

شخصياً، لم يضحكني الأمر بقدر ما صدمني عمق الخلاف في البلد الذي يحتضن عاصمة الاتحاد الأوروبي. فلو كنا في أفريقيا مثلاً، لكان العالم نظر إلى الأمر كخلاف إثني بين الفرانكوفون والنيرلاندوفون، ولكان الباحثون درسوا الأمر من زاوية الصراع الطبقي، بين الوالون الفقراء الذين يشكّل العمال قسماً كبيراً منهم، وبين الفلامون الذين يعيشون حياة رغيدة ويمتلكون أغلبية رؤوس الأموال. ولكان البعض ربما قد صوّروا الخلاف السياسي على أنه نتيجة طبيعية لوصول أحزاب يمينية، بعضها ذو طابع انفصالي، إلى الحكم.
إلا أن بروكسيل الحالمة بقيت كما هي، لم يتغير وجهها إطلاقاً، ولم تكثر الزيارات الدولية إليها، ولم يلقِ جورج دبليو أو المتحدث باسم البيت الأبيض خطبة صداقة ومحبة للشعب البلجيكي، ولم تشهد السفارة الأميركية حركة متسارعة، ولم يخرج ولو السفير الأميركي متنقلاً بين القصر الملكي والقيادات السياسية، كـ«الفرنينة» التي سكنت عوكر، وطالبت باحترام الديموقراطية والانتخابات الشرعية. حتى الجارة الأقرب والأكبر لبلجيكا، أي فرنسا، لم تستثر من أجل بلجيكا.
وهنا، تجدر الإشارة إلى أن فرنسا، رغم التقارب اللغوي وحجم التبادل الاقتصادي والثقافي مع بلجيكا، لم تكن يوماً في نظر الطرفين أماً حنون أو شقيقة كبرى. ولم يشر أي رئيس فرنسي إلى أن بلجيكا هي الخاصرة الرخوة. ولم يهتز الكرملن بفعل رنين الهواتف. ولم يشحب وجه أنجيلا ميركل. وستتابع هولندا سياستها المعتدلة وستبقى بلد التوليب والماريجوانا. ولم يستقبلوا قيادات بلجيكية تأتيهم للتنفيس عن همومها أو للنق وطلب الدعم السياسي. لم يتوجه بان كي مون إلى الشعب البلجيكي في خطبة نهاية العام، ولم يدعُ بابا الفاتيكان المؤمنين إلى التزام الهدوء وتصفية القلوب، حتى أنه لن يصلي من أجلهم ولا من أجل راحة بالهم.
لكن، حين تتجول في العاصمة، ستلفت نظرك الأعلام الملكية البلجيكية التي ازدادت مؤخراً على الشرفات، بمبادرات فردية طبعاً. إذ لم يقم أي حزب سياسي بتوزيع الأعلام على مناصريه، ولا انطلقت تظاهرات مليونية حزبية في أي منطقة بلجيكية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن آخر التظاهرات الكبيرة مشت من أجل التوصل إلى حل يحفظ فيديرالية البلد ووحدته، وقد دعت إليها منظمات أهلية.

أذكر أن ناشطاً سياسياً، كنت قد التقيت به للمرة الأولى خلال التظاهرات الرافضة لحرب تموز، قد اتصل بي لمشاركتهم في التوعية، على اعتبار أني شاهد حي على صراع الأخوة الأعداء، وأستطيع، مثل الكيني والرواندي، أن أفيدهم بتجربتي. قمت بذلك بدافع التهذيب فقط. وحين تناقشنا لاحقاً، لم أحدثهم عن الوحدة الوطنية، بل حدثتهم عن فرنسا والسعودية وإيران وسوريا وأميركا، وعلّمتهم عبارة بالعربي تقول: «لاك روحوا بعدكم بألف خير».

ما زال وسط بروكسيل أبرز المعالم السياحية في العاصمة، وما زال السائحون يسرحون ويمرحون ويلتقطون الصور!

شباب السفير - الأربعاء 16/01/2008- بروكسل)

تهيؤات في شارع مزدحم


تهيؤات في شارع مزدحم
(العنوان من وحي النص)

رؤية
أن تكون لحظة بهذا الصفاء
هو إرتجال نبوي
وأتسآل لماذا لم يكن من نبي يتكلم بالموسيقى؟
أتراه أغفل الرب عن ذلك!
في اللعبة السريالية
بوح خائن جدا لأسرار الذات
وأكثرها هشاشة هي الإيمان

مواجهة
تورد تورد
حلم يلبس رداء طفل صغير
يمد يديه في الهواء
نحو دندنة لطيفة..
يلا تنام يلا تنام لإدبحلك طير الحمام..
أتستطيع أن تستفيق وتتحسس رجولتك فجأة؟
من ذلك الوجه الصغير؟

قراءة
يقول مريد البرغوثي:
"فتحت الباب حين وصلت مبتعدي
وألقيت الحقيبة،
كانت المرآة قد سقطت
وفيها ظل وجهي مثل جندي قليل،
تائه،
ورفاقه نصفان:
من ماتوا، ومن هربوا "

إكتشاف
ذلك الإرتجاف السحري
حين ترسم يدك الحقيقة
مخيف..
النشوة كصفصاف باغته الريح
فباح بكل عشق خبى
وكل مرض إصفر على ورقها
من خفايا السوء النفسي
ذلك البوح المتطفل
على ورقة عذراء
أجمل من الجاز

وشوشة
أكره أن أبدو كدليل سياحي
في قصائدي
تنهزم مفرداتي كثيرا
في هذا الدور..
ولا أحب أن أثقل بإسقاطاتي الغريبة
كجولة في متحف الفن الفرويدي

حلم
البارحة حلمت بغابرييل غارسيا مركيز
وكانت هناك أسماك تطير حولنا مبتسمة!
كان حديثنا بلغة لاتينية..
لست أذكر عن ماذا تحدثنا..
أذكر وجه المذيعة على الإذاعة الإسبانية بعد ذلك ظننتها تبتسم لي..
وتابعت النوم

تأنيب ضمير
من المؤلم رؤية فنان يحس ببلل المطر
كأنك تتخلى عن بعض من الحرية
أصر لا إستباحة في الفن..
ولا حدود للقصيدة
لغتنا خصبة للإختراعات الادبية..
هنا فقط تتنفس....
القارئ لا ينافسك على نفس الهواء

تقمص

أحب أن أتقمص عنقود عنب
في جبال الأولمب
في جنة إفروديت مثلا..
ولا أذوي أبدا أبدا أبدا..

عودة
قد يكون نوع من التطفل المزعج
أن تفرد حديث لا واقعي
في باقة الجسد الشعري
أغمض عينيك
وتمتم..
صلاة زهرية..
أحدث نفسي.. ليسمعني الجميع
وأعود للحظة البداية
ألأنارشيزم كآخر حدود الأرجوحة
تصل إليه مرة واحدة..
وعبثه، صدقوني
جنوني
على مخمل القصيدة

أكتشف الحاسة الأولى بعد المئة..
وأكتب

Saturday

إسرار

By Mazen Kerbaj


أود بإختصار شديد
أن أدرس نزوح القمر
المستمر إلى عينيك ..
ولا مانع عندي حبيبتي
أن أتفلت في الريح
من قيود الإنتماء للجاذبية
وأنمو حول خديك
أعاصير صغيرة ..
صغيرة كالطفولة
كالنوتة في الرنة الجميلة

أود أن أندي مكان البكاء
وأمنع الأرق من المساس
ببشرتك الصيفية
أنا أخاف من جفاف الدمع في العتم
وأنت نائمة ..
وأنت تتنفسين الخوف المتنقل في الهواء
..
..
في غرفتك لا ظلال
تدركين أمام الضوء الأزرق
أنك الآن وحيدة ..
وان أولائك الأولاد بشعرهم الأشعث
فقدوا عذرية الدفء والمأوى
أنهم سيتسربون عبر نافذتك الصغيرة
وسيرقصون حولك بوحشية

حيوانات الليل الأليفة
اغتصبت براءة الطيب فيها
..
تتنفسين بسرعة
..
يا ليتني قبلة هاربة من الروايات الرومانسية
أمسح عن شفتيك المرتجفتين
ما تبقى من نشرة الأخبار
و كوابيس الكوليرا
في رواية ماركيز النائمة قرب رأسك
كان صوتك البعيد قبل حين
يقرأ ..
ويقول أختصر ببعض الحب الصعب خوفي

...

أحيانا لا داعي للسأم من بحرها الكبير
كنت ستضحكين وتسألين
متى تشبع نهمي الوطني
تلك الزرقة ..

..

تلك الشوارع تحتاج لمن يملأها بالخطوات
وأنت مليئة بالرقص
تحبين إرتكاب الحياة
كالشمس .. كل يوم
في إنسيابية الخطيئة على ورد الشرفات

و أنا مثقل بهذا الليل الجاف
أدرك أني أحبك نضرة كالربيع
وأحن لجسدك حين يفوح بتراب الكروم
بزهر الليمون وبريق العنب السمين
وأود لو أهمس لك بلغة الورود
أنها لا تتكلم .. ومع ذلك تسمعين
كتنفس الحروف في رسالة حب خالص
تختصر كما تحبين تراكم الرعب الهزيل
في هذا المساء بالذات ..
حيث لا مكان للأشكال الطيفية قرب إنسدال جدائلك
فقط لبعض الحب وأكثر ..
ويبقى قرب الوسادة .. هو الصوت الأرق
وأنت القصة الأجمل
..
أنا أعزف في الغيم الليلي
إليك في هذا المساء الخفيف بالذات ...

Thursday

أغنية

عبق الكلمات على خديها
ينزلق كثلوج الربيع
من رواية ذابت في شعرها
عندما كانت طفلة

وقمر طبع قبلة علي جبينها
حين سقط مرة..
قربها
يبحث عن قصة عمياء

تشردت في الخصلات إلى الأبد
وصار لونها أزرق ..
كبشرتها

وباتت كالغجر
تحدو لي كلما نمت في ذكراها
أغنية
عن طفلة كبرت
وقمر